القلعة نيوز- أكد اقتصاديون أن الأردن يمتلك ركائز إنتاجية صلبة تمكنه من قيادة مشروع "الاعتماد على الذات"، مع فرص كبيرة لتعزيز الإنتاج المحلي وتوسيع قاعدة الصادرات.
وأكدوا في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن الصناعات الأردنية تمتلك اليوم الإمكانات الفعلية لتحقيق مستويات متقدمة من الاكتفاء الذاتي في العديد من المنتجات، ووجود فرص تصديرية كبيرة لم تستغل بعد.
وقال رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان المهندس فتحي الجغبير، إن جلالة الملك رفع شعار الاعتماد على الذات كنهج وطني استراتيجي يهدف إلى وضع الأردن على مسار بناء اقتصاد منتج قادر على حماية أمنه السلعي وتعزيز مرونته أمام الأزمات العالمية، وذلك من خلال إطلاق رؤية التحديث الاقتصادي 2022–2033، التي أرست الأسس لتطوير الاقتصاد الوطني وتعزيز الإنتاج المحلي ووضع القطاع الصناعي في قلب استراتيجية النمو والتي تشكل ما يقارب ثلث مستهدفات رؤية التحديث، الأمر الذي يؤكد دورها المحوري في خلق القيمة المضافة وتوليد فرص العمل وتعزيز تنافسية الأردن إقليميا ودوليا.
وأشار إلى أن هذا التوجه تجسد عمليا في المتابعة الملكية المستمرة لقطاع الصناعة، من خلال زيارات جلالته المتكررة للمصانع وغرف الصناعة، وإطلاعه المباشر على احتياجات الصناعيين والتحديات التي تواجههم وتوجيهاته المتواصلة بدعم الإنتاج الوطني والتركيز على المشاريع والقطاعات ذات القيمة المضافة العالية وتعزيز الاكتفاء الذاتي في السلع الأساسية وتطوير سلاسل التوريد الوطنية لضمان قدرة الأردن على مواجهة أي اضطرابات اقتصادية عالمية.
وأضاف، إن مفهوم الاعتماد على الذات يشمل أيضا بناء منظومة إنتاجية متكاملة تقوم على تطوير مهارات العاملين وتبني التكنولوجيا الحديثة، ورفع الإنتاجية وتحسين الكفاءة التشغيلية وتعزيز قدرة المصانع على الوصول إلى مدخلات الإنتاج بأسعار تنافسية وتسهيل النفاذ إلى الأسواق المحلية والخارجية، كما يشمل تعزيز الابتكار والبحث والتطوير لإنتاج سلع ذات قيمة مضافة أعلى قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية.
وأكد الجغبير أن هذه الخطوات العملية تضع الأردن على طريق التحول إلى اقتصاد منتج ومصدر، وليس مجرد سوق مستهلك وتؤسس لسلاسل توريد وطنية قوية ترفع قدرة المملكة على تلبية احتياجاتها من الغذاء والدواء والمواد الخام والسلع الصناعية، مبينا أن تقرير الاكتفاء الذاتي السلعي 2019–2024 الصادر عن غرفة صناعة الأردن، سجل تقدما ملحوظا في إحلال المستوردات وزيادة مرونة القاعدة الإنتاجية الوطنية، حيث ارتفع مؤشر تغطية الصادرات للمستوردات من 37 إلى 46 بالمئة، ما يعكس قدرة القطاعات الصناعية على تقليص الاعتماد على الواردات وتعزيز الأمن السلعي.
وبين أن الصناعات التعدينية تحقق اكتفاء شبه كامل وتشكل قاعدة أساسية لعشرات الصناعات الأخرى، إضافة إلى الصناعات الإنشائية التي تغطي 82 بالمئة من احتياجات السوق المحلية وقطاع التعبئة والتغليف الذي يلبي نحو 77 بالمئة من الطلب المحلي ويمثل عنصرا أساسيا في سلاسل القيمة الصناعية كما تتمتع الصناعات الكيماوية بقوة لافتة تغطي أكثر من 73 بالمئة من احتياجات السوق، فيما توفر الصناعات الغذائية نحو ثلثي الاستهلاك الوطني.
أما في قطاع الصناعات العلاجية، أشار الجغبير الى أن الصادرات تجاوزت ضعف قيمة الواردات بمؤشر ICR بنسبة 240 بالمئة، ما يؤكد قدرة الأردن على التحول إلى سوق منتج ومصدر للدواء بجودة معترف بها عالميا.
كما يسجل قطاع الملابس الجاهزة فائضا تجاريا كبيرا مع مؤشر تغطية الصادرات للواردات يصل إلى 720 بالمئة، فيما تقارب مؤشرات المنتجات الكيماوية المتنوعة 90 بالمئة، ما يعكس ثقة السوق المحلي بمنتجات هذا القطاع ويكشف عن فرص واسعة للتوسع التصديري.
من جهته، قال رئيس جمعية المستثمرين الأردنية مجاهد الرجبي إن صادراتنا الصناعية تشكل أكثر من 90 بالمئة من إجمالي الصادرات الوطنية، مبينا أن هذه الأرقام تحققت بجهود آلاف العاملين في المصانع الذين حولوا الطموح إلى واقع والإنتاج إلى فخر وطني.
وأشار إلى أن الصناعة الأردنية اليوم أثبتت وجودها في الأسواق العالمية من أميركا إلى أوروبا إلى الخليج، مؤكدا أن الاعتماد على الذات يتطلب تكامل الجهود بين جميع الجهات لانه يعد مسؤولية وطنية يتحملها الجميع.
بدوره، أكد رئيس غرفة صناعة إربد هاني أبو حسان، أهمية توسيع الاستثمار الصناعي، ودعم سلاسل الإنتاج المحلية، وتشجيع المواطن على شراء المنتج الوطني، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق أهداف الاعتماد على الذات كتوجه استراتيجي للدولة الأردنية وتوفير بيئة اقتصادية تدعم الصانع والمستثمر وتسهل الإجراءات وتزيل المعيقات، لزيادة مساهمته في الناتج المحلي.
وأوضح ضرورة تعزيز مشروعات الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الاستخدام الصناعي، الأمر الذي يقلل الكلف ويزيد قدرة الصناعة على النمو.
وقال أبو حسان، إن الانتقال نحو الأتمتة واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي والتحليل الذكي للبيانات يسهم في تحسين كفاءة خطوط الإنتاج وتقليل الهدر ويمنح الصناعة الأردنية القدرة على الوصول إلى مستويات أعلى من الجودة والاستمرارية في الإنتاج ويتيح لها مواكبة التغيرات السريعة في الأسواق العالمية.
وشدد على أهمية الاستثمار المستمر في التعليم المهني والتقني وربط مخرجاته مباشرة باحتياجات السوق لضمان توليد قوى عاملة مواكبة للتطور الصناعي وقادرة على قيادة عملية التحول والإنتاج، لافتا الى أن هذه القوى تتكامل مع ما تمتلكه المملكة من قطاعات إنتاجية متينة على رأسها القطاع الصناعي الذي أثبت قدرته على النمو والصمود وخلق فرص العمل حتى في أصعب الظروف.
وأكد أن القطاعات الصناعية "الدوائية، الكيماوية، التعدينية، الغذائية والملابس" تمتاز ببنية إنتاجية متطورة وخبرات تراكمت عبر عقود وسمعة إقليمية ودولية جعلت المنتج الأردني حاضرا في أكثر من 150 سوقا حول العالم.
من جانبه، أوضح رئيس قسم العلوم المالية و المصرفية في كلية الأعمال في الجامعة الهاشمية الدكتور ماهر الخصاونة، أهمية مشروع الناقل الوطني بوصفه واحدا من أبرز المشروعات الاستراتيجية في تاريخ المملكة، لما يمثله من حلول شاملة لتعزيز الأمنين المائي والغذائي.
وشدد على أهمية دعم الصناعات المحلية وتوسيع نطاقها لتعزيز الإنتاج الوطني ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وتقليل الاعتماد على الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي في السلع الأساسية.
وأشار إلى أن الصناعات الوطنية اثبتت خلال السنوات الماضية قدرتها على سد جزء مهم من احتياجات السوق وتوفير بدائل محلية لبعض المنتجات المستوردة، ما يؤكد فاعلية هذه الصناعات وقدرتها على التوسع.
وبين الخصاونة أهمية تطوير سوق رأس المال الأردني وتعزيز الشمول المالي لدعم المشروعات الناشئة عالية المخاطر، فالسوق المتطور يوفر آليات فعالة لتمويل المشروعات الوطنية ويحفز الاستثمار في القطاعات الإنتاجية ويمكن الشركات الصغيرة والمتوسطة من الحصول على التمويل اللازم للنمو والتوسع، لخلق فرص عمل وزيادة الناتج المحلي، لافتا إلى أن التطور في التكنولوجيا المالية والتمويل الرقمي يمكن أن يلعب دورا إضافيا وحيويا في تسهيل الوصول إلى التمويل الوطني والأجنبي.
--(بترا)




