
الوضع لم ينضج بعد ...
القلعة نيوز -
حاول الملك الحسن التدخل للحد من المجازر فكان الرد الفرنسي الوضع لم ينضج بعد للحل ، فهو ينضج عندما يكون مخططهم جاهزا ، ولا أدري ما الذي تغير في هذه الإيام ، وعندما تم طلب التفاوض ، كان الرد الفرنسي أن التفاوض الوحيد في الجزائر هو الحرب وهذا كان رد بيار مانديس وزير داخلية فرنسا في العام 54 .
نشرت النيويورك تايمز في افتتاحيتها قبل عقود( مهما كانت عيوب النظام الفرنسي في أفريقيا الشمالية، فإن فرنسا هي البلد الوحيد الذي يستطيع حاليآ الاحتفاظ بافريقيا الشمالية في العالم الحر ) .
المجازر يخطط لها السياسي الأنيق وينفذها الجندي المدرب ، ويذهب ضحيتها المواطن البريء ، والهدف هناك بعيد هو التفريغ الديموغرافي للسكان ، وحتى تصحح المسار الديموغرافي لا بد من مجزرة تذهب بالبعض ، وتشيطن البعض الأخر ، وتهجر البعض ، وتبقي قلة من الشعب على الأرض .
ولذلك أطلق جي موليه حملة مجازر ضد الشعب الجزائري وجيشا من خمسمائة ألف يعذب وينكل ويدمر وينهب ويغتصب ويحرق .
تم إعداد دراسة لتفريغ الشمال الجزائري من سكانه ، والعمل على تخصيص هذه الأراضي الزارعية والغنية للمستعمر الفرنسي ، ولكن المستعمر كله خرج مهزوما بسبب صمود الشعب الجزائري .
ولذلك تم إبادة سكان قرية فيليبفيل ومشتى شمال الخط المراد الإستيلاء عليه بالكمال ، فهي منطقة المستعمرين ولا بد من صفاء الدم هنا ، في العام 54 قضت المجازر على أربعين الفا من الجزائرين مع مراعاة صعوبة ذلك نتيجة تخلف أسلحة الدمار الشامل .
ويجب منع تطور الشعب أخلاقيا وفكريا واقتصاديا من أجل هذا الهدف ، ويجب أن تبقى هذه الشعوب تحت الخط الذي يريده المستعمر ، ويجب ان يكون هؤلاء مؤهلين لخدمة وتحسين حياة المستعمر ، طبعا على مستوى تقبل الأوامر ، وتنفيذ ما تطلبه حياة المستعمر من رفاهية ، بين قوسين التأهيل ليكون هؤلاء خدم وعمال ياقة زرقاء لهذه الفئة .
فالقتل كان يحتاج إلى جهد أضعاف مقارنة مع الاسلحة الأمريكية والبريطانية والفرنسية والالمانية المستخدمة اليوم ، هذا ناهيك عن أساليب التعذيب التي كان يعتمدها المستعمرون الفرنسيون ، من إلقاء من الطائرات ، وربط بالآليات ، وتقطيع أوصال ، وإستخدام في التجارب النووية ، وعد ما شئت بعد ذلك .
والتطور الذي حصل على هذه الإسلحة لاحقا ساهم في زيادة حصيلة هذه الإسلحة ومدى الضرر المتحصل منها .
نعم أيها العالم الحر يجب أن نتقبل أحكامكم وتصرفاتكم ، ويجب أن نتقبل تلك المجازر ، وتلك الخطط التي يضعها الساسة لتفريغ هذه المنطقة أو تلك ، وتخصيص هذه المنطقة لهذه الفئة وعلى الجميع من غير العالم الحر أن يطيع .
لذا على الطفل الذي قتلت أمه أمامه ، وعلى الشاب الذي مات تحت التعذيب الذي استمر ساعات طوال، وعلى ألاف الذين قتلوا وسجنوا وعذبوا ، وعلى البيوت التي هدمت والمدارس التي دمرت والمستشفيات التي فجرت ، وعلى الطفلة التي لم يبقى لها أب أو أم أو أخ وحتى تلك الصديقة أصبحت عمياء وهذه أصبحت شلّاء ، وعلى الجميع أن يكونوا شاكرين لأنهم يصلبون لأجل عالم حر .
ما يشكل فرقا اليوم هو ما شكل فرقا في الأمس ، وهو صمود تلك الفئة التي يتم التضحية بها على مرأى من العالم وصمت من العالم الحر ، ورفضها للخضوع والإستسلام مهما كانت المعاناة ، حتى يصل صوتها إلى البعض الذين ما زالت فيهم بقية من ضمير فتتحرك لرفع هذا الظلم البالغ .
وتلك الخسائر البالغة التي يسببونها لهذا الإستعمار أو الإحتلال أو القوى النازية أو قوى الفصل العنصري سمي ما شئت فكلها وجوه لهذا العالم الحر .
إبراهيم أبو حويله ...