
تشهد الساحة الحزبية حراكًا داخليًا غير مسبوق في أحد الأحزاب، حيث تتبلور نية جماعية للانسحاب الجماعي على نطاق واسع، في خطوة قد تُحدث زلزالًا سياسيًا داخل الحزب نفسه. هذا الحزب، الذي انطلقت رؤيته عند التأسيس من موقع أقرب إلى التيارات ذات الطابع الاجتماعي الديمقراطي، دخل في حالة من التآكل الداخلي نتيجة صراعات حادة تتعلق باتجاهه الفكري وهويته السياسية.
أعضاء كثر ممن يلوّحون بالانسحاب يعتبرون أن الحزب فقد بوصلته وتحول إلى مظلة ضبابية تجمع المتناقضات، دون وضوح في التوجه أو وضوح في الانحيازات، ما جعله أقرب إلى كيان عائم على هامش المشهد الوطني. أما الدعوات المتكررة التي طالبت بإصلاح القيادة وتحديد مسار سياسي واضح، فلم تلقَ آذانًا صاغية، مما عمّق الشعور باليأس لدى شرائح واسعة من القواعد الحزبية.
ما يزيد من تعقيد المشهد أن الجهات التي تتحرك باتجاه المغادرة ليست هامشية، بل تضم قوى وتيارات ذات حضور اجتماعي واضح وتأثير ملموس، يصعب على الحزب المضي قدمًا دونها. ورغم أن هذه الكتلة قررت الانفصال، إلا أن وجهتها السياسية المقبلة ما تزال غير معلومة، ما يفتح الباب أمام احتمالات متعددة في المشهد الحزبي العام.